أي ذات الطين، وما أجهل ابن الرومي بالبحر إذ لم إذ لم ير منه إلا الساحل، فكيف إذا هاج البحر حيث لا ساحل تراه العين أو تأمل بلوغه، وربما سطا بعبابه على الشاطئ الآمن فاجتاحه ...
ويلفظ ما فيه فليس معاجلًا ... غريقًا بغت يزهق النفس كارب
أي بخنق أخذ بغت من الحديث أن جبريل غت النبي عليه الصلاة والسلام وهذا كله توهم ووسوسة ومغالطة معًا.
يعلل غرقاه إلى أن يغيثهم ... بصنع لطيف منه خير مصاحب
فتلفى الدلافين الكريم طباعها ... هناك رعالًا عند نكب النواكب
أخذ هذا من أقاصيص البحريين، وقصص السندباد وما أشبه.
مراكب للقوم الذين كبا بهم ... فهم وسطه غرقى وهم في مراكب
وينقض ألواح السفين فكلها ... منج لدى نوب من الكسر نائب
وعمري من فاتح المركب الضخم فليس اللوح بمنجبيه إلا أن يلطف المولى، وأخبار السندباد مشحونة بنحو هذا. وأدرك ابن الرومي أنه لجج في وجه من وجوه الباطل والمراء فقال:
وما أنا بالراضي عن البحر مركبًا ... ولكنني عارضت شغب المشاغب
وليس المشاغب إلا وهمه، إذ هو يخاطب ممدوحًا بهذه القصيدة- وكأن قد فطن لهذه الزلة فقال:
صدقتك عن نفسي وأنت مراغمي ... وموضع سري دون أدنى الأقارب
وجربت حتى ما أرى الدهر مغربًا ... علي بشيء لم يقع في تجاربي