فلا عذر فيها لامرئ هاب مثلها ... وفي اللجة الخضراء عذر لهائب
فإن احتجاجي عنك ليس بنائم ... وإن بياني ليس عني بعازب
هذا كما ترى أسلوب كلام وجدل وطريقة نثر جاحظي لا شعر.
والشعر وحي تكفي إشارته ... وليس كالنثر طولت خطبه
هكذا قال أبوة عبادة وهل عني بهذا طريقة ابن الرومي الذي لما شب وتم استواء نضجه وثب عليه فهجاه بعد أن كان يحاكيه ونفس عليه مكانه؟ ؟ وأخذ ابن الرومي في الاحتجاج:
لدجلة خبٌّ ليس لليم إنها ... ترائي بحلم تحته جهل واثب
تطامن حتى تطمئن قلوبنا ... وتغضب من مزح الرياح اللواعب
جمع لاعبة.
وأجرافها رهنٌ بكل خيانة ... وغدر ففيها كل عيب لعائب
مثل هذه اللفتة جاحظية ولها نظيرات في البخلاء وغيره مما خطه قلم ذلك البارع.
ترانا إذا هاجت بها الريح هيجة ... تزلزل في حوماتها بالقوارب
نوائل من زلزالها خوف خسفها ... فلا خهير في أوساطها والجوانب
زلازل موج في غمار زواخر ... وهدات خسف في شطوط خوارب
ثم أخذ يعتذر لليم أي البحر الكبير على دجلة حيث وصفها بالغدر وإن اليم له عذر في عرضه واتساعه وكثرة مائه وليس لها مثل ذلك العذر.
ولليم أعذار بعرض متونه ... وما فيه من آذيه المتراكب
ولست تراه في الرياح مزلزلًا ... بما فيه إلا في الشداد الغوالب
وإن خيف موجٌ منه عيذ بساحل ... خلي من الأجراف ذات الكباكب