ههنا فكاهة لا تخلو من عنصر سوقي.

ولم أتعلم قط من ذي سباحة ... سوى الغوص والمضعوف غير مغالب

تتمة البيت «والمضعوف غير مغالب» فيها تعب، وكأنها ملصقه بما قبلها إلصاقًا إذ لا تتم بها فائدة حقًّا ولا تتناسب ما قبلها كل المناسبة ثم لو قد فطن فالغوص من صميم السباحة، ولا يمت إلى ضعف بشيء وفي صفة الغائص يقول المخبل السعدي:

كعقيلة الدر استضاء بها ... محراب عرش عزيزها العجم

أغلى بها ثمنًا وجاء بها ... شخت العظام كأنه سهم

قال الشارح وهو الأنباري الكبير «كأنه سهم في سرعته ومضائه» شخت العظام أي دقيق العظام وشرح بعضهم كأنه سهم: لدقته وهو وجه ولكن الأول أقوى وأدل.

بلبانه زيتٌ وأخرجها ... من ذي غوارب وسطه اللخم

اللخم ضرب من الحوت ودواب البحر وإنما أراد ابن الرومي أنه يغطس فيرسب وأراد التنبيه على هذا المعنى بقوله والمضعوف غير مغالب أي حين يرسب فلضعفه لا يقدر أن يغالب فيطفو سابحًا، وهذا من معنى قوله لا نصل إليه إلا بكد وجهد وتأويل.

هذا وقوله من ذي سباحة يجوز لمن شاء حمله على معنى من سباحة وزيادة ذي كقول الآخر «فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا» أي «من عندهم» والوجه الظاهر عندي أجود.

فأيسر إشفاقي من الماء أنني ... أمر به في الكوز مر المجانب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015