ولله در الجاحظ حيث نبه أن الكلام إذا نقل من النثر إلى الموزون بدا ذلك جانب نقص فيه.

لهاث مميت تحت بيضاء سخنة ... وريٌّ مفيت تحت أسيحم صائب

يجف إذا ما أصبح الريق عاصبًا ... ويغدق لي والريق ليبس بعاصب

فيمنع مني الماء واللوح جاهدٌ ... ويغرقني والري رطب المحالب

هذه الأبيات الثلاثة إجمال لما سبق قبل تفصيله. وهذا مذهب نثري وما عدا الشاعر هنا أن كرر ما قاله ولم يزد شيئًا، بل وقع في شيء من عناء التكلف كقوله «والري رطب المحالب» على ما احتال به من شبه المجانسة في «والري رطب ... » «واللوح جاهد» أي والعطش شديد. والبيضاء السخنة الشمس والأسحم الصائب المطر وقد سبق هذا المعنى في قوله «أبى أن يغيث الأرض» والأبيات التي معه.

وما زال يبغيني الحتوف مواربًا ... يحوم على قتلي وغير موارب

فطورًا يغاديني بلص مصلت ... وطورًا يمسيني بورد الشوارب

فسر الشيخ سليم رحمه الله هذا البيت بقوله: مصلت يركض فرسه والشوارب لعله يريد بيها جمع شاربة وهم القوم يسكنون ضفة النهر، يعني ويضطرني إلى أآن أرد الماء في المساعد عند القوم الذين يسكنون ضفاف الأنهار لقلة الماء في البراح الذي أسلكه. أقول ما ذهب إليه وجه، ولعل أقرب من ذلك أن يقال مصلت بتشديد اللام مكسورة أي خبيث كأنه من قولهم صلت بكسر الصاد وهو اللص كأنه قال لص ملصص أو هو من إصلات السيف فيكون جاء باسم لفاعل من فعل مضعف كثر به فعلًا ثلاثيًّا من مادة صلت يدلك عليه قولهم انصلت وبورد الشوارب لعل صوابه بورد الشوارب بفتح الواو الشوارب جمع شارب عني به الأسد أو أي سبع مخشى أحمر الشوارب وإنما سمت العرب الأسد وردًا لحمرة شعره وهذا أقرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015