هذا ما زعم الدكتور طه حسين ما زعمه في «من حديث الشعر والنثر».

فذاك بلاء البر عندي شاتيا ... وكم لي من صيف به ذي مثالب

مثالب ههنا مستقيمة المكان.

ألا رب نار بالفضاء اصطليتها ... من الضح يودي لفحها بالحواجب

أراد ابن الرومي هنا أن يربي على قول علقمة:

وقد علوت قتود الرحل يسفعني ... يوم تجيء به الجوزاء مسموم

حام كأن أوار النار شامله ... تحت الثياب ورأس المرء معموم

وهيهات، من ههنا جاء بلفحها «الذي يودي بالحواجب» - ولماذا الحواجب دون غيرها من الجسد؟ لا ريب لأن الرأس والوجه عليهما العمامة بلثامها وهذا قول علقمة كما ترى.

إذا ظلت البيداء تطفو أكامها ... وترسب في غمر من الآل ناضب

جعله غمرًا وناصبًا لأنه سراب: ثم أدركته بقية من العقل لعلمه أن هذا الباب قد استوعبه كله القدماء فلا معنى لمباراتهم.

فدع عنك ذكر البر إني رأيته ... لكن خاف هول البحر شر المهاوب

وفي المهاوب قبح تكلف كما ترى. جمع مهوب أي المكان الذي يهاب. قال الشيخ محمد شريف سليم رحمه الله (262 هامش 5) «من هوب الرجل بمعنى هيب».

كلا نزليه صيفه وشتاؤه .... خلاف لما أهواه غير مصاقب

غير مصاقب مزاوجة تصلح في النثر الجاحظي ولكن مكانها في الشعر ناب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015