المزارع المثرين فيمتلئ قلبه غيظًا وقيح هجاء من ضرب الشعر الذي عنه جاء نهي الحديث الشريف. مسكين ابن الرومي.

وما خلا ابن الرومي هنا من نظر إلى قول حبيب:

منع الزيارة والوصال سحائب ... شم الغوارب جأبة الأكتاف

وأبت أريحية أبي تمام أن يجعل من عوق المطر له مسببًا إلى أن ينفس على من يكون قد انتفع بذلك، وقد مكرت هذه الأبيات الفائية ونذكر القارئ الكريم بقوله:

ظلمت بني الحاج الملح وأنصفت ... عرض البسيطة أيما إنصاف

وأتت بمنفعة البلاد وضرها ... أهل المنازل السن الوصاف

وفكاهة ابن الرومي تأبى ألا يخالطها شوبٌ من الشكوى وشؤبوب من الهجاء.

فملت إلى خانٍ مرث بناؤه ... مميل غريق الثوب لهفان لاغب

فلم ألق فيه مستراحًا لمتعب ... ولا نزلًا أيان ذاك لساغب

فما زلت في خوف وجوع ووحشة ... وفي سهر يستغرق الليل واصب

ولقد كان القطامي، وإلى بائيته نظر، بلا ريب أحذق منه إذ قال:

فلما بدا حرمانها الضيف لم يكن ... علي مناخ السوء ضربة لازب

وذلك أنه كان موطنًا نفسه على السفر. أما ابن الرومي فما سافر إلا كارهًا فمال إلى الخان بطبيعة حرصه على الإقامة كما ترى، وهو ما خبرنا به ودعا إليه من أول قصيدته.

يؤرقني سقف كأني تحته ... من الوكف تحت المدجنات الهواضب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015