لقيت من البر التباريح بعدما ... لقيت من البحر ابيضاض الذوائب
سقيت على ري به ألف مطرة ... شغفت لبغضيها بحب المجادب
ألح ابن الرومي على صيغة مفاعل في قوافيه وما خلا ذلك من تصيد وعمل كقوله المجادب ههنا يريد به الجدب وكقوله المثاوب يريد به المثوبة والمحاطب يريد به الاحتطاب والمعاطب يريد به العطب وقد ترى أن قوله «اعتساف الأرض ذات المناكب» وقوله «طلاب المكاسب» و «برفض المطالب» كل ذلك قافيته ذات أسماح لا تكلف فيها، فهذا يدل على مكان التكلف في المحاطب والمثاوب والمجادب مثلًا.
ولم أسقها بل ساقها لمكيدتي ... تحامق دهر جده كالملاعب
لاحظ أسلوب أبي تمام في لم أسقها بل ساقها -جده كالملاعب.
إلى الله أشكي سخف دهري فإنه ... يعابثني مذ كنت غير مطايبي
أبي أن يغيث الأرض حتى إذا ارتمت ... برحلي أتاها بالغيوث السواكب
غير مطايبي أي غير قاصد لمفاكهتي وممازحتي بطيب نفس ومسرة، وهذا الاستعمال عباسي من أساليب الكتاب تجده عند الجاحظ إذ هو يتحدث عمن يصفهم بالطياب بتشديد الياء.
سقى الأرض من أجلي فأضحت مزلةً ... تمايل صاحبها تمايل شارب
لتعويق سيري أو دحوض مطيتي ... وإخصاب مزور عن المجد ناكب
ههنا روح فكاهي مع أنفاس خطابة يراد بها المبالغة وتأكيد المعنى الفكاهي- هو الفتى الصالح المبدع تصب الأمطار لتعويقه، ويستفيد بهطولها آخر ممن لا خير عندهم. ولا يفتأ ابن الرومي يوازن بين حظه المنحوس وحظوظ التجار وأهل