وجه شبه ثالث بين ابن الرومي وابن المعتز هو قلة ماء الشعر. سبب هذا عند ابن المعتز ترفه ومع الترف برود أنفاس، وقل شعر له فيه حرارة، حتى ما تناول فيه حساده بالهجاء وما دفع فيه عن بيت بني العباس واحتج له بما زعم من ميراثهم النبي صلى الله عليه وسلم دون بني بنته- ولا يخفى أن ههنا مغالطة على تقدير التسليم بالميراث إذ لا يمكن للعم أن يرث دون البنت وإن أمكن له أن يرث دون بني البنت، ومع تعصيبه للبنت ليس نصيبه بأكبر من نصيبها، وكان فاطمة رضي الله عنها حية بعد وفاة أبيها عليه الصلاة والسلام. ومقال سيدنا أبي بكر رضي الله عنه في نفي الإرث وعليه مذهب أهل السنة والجماعة من المسلمين.

وقد كانت في ابن الرومي حرارة انفاس وملكة بيان والمذهب الكلامي والإطناب الكتابي هو الذي أفسد عليه ماء شعره ورونقه. وأحسب أن أبا العلاء أراد هذا المعنى. وهو في ظاهر عبارته يصف الدهر حيث قال:

لو أنصف الدهر هجا أهله ... كأنه الرومي أو دعبل

وهو لعمري شاعر معزر ... لكنه في لفظه مجبل

ولم يكن ابن الرومي مجبلًا ولكنه كانت في لفظه وطريقة أدائه جسارة وجفاف وإنما استجيد هجاؤه لأن الجساوة والجفاف ربما ناسبا الهجاء وقد كان مما يفحش فيه إفحاشًا. ودعبل أهجى منه. وظاهر كلام المعري يدل على هذا إذ كأن في «أو» نوعًا من إضراب.

ومن أدل شعر ابن الرومي على مذهبه قصيدته البائية التي ذم فيها السفر وأتعابه وهي في مدح أحمد بن ثوابة:

دع اللوم إن اللوم عون النوائب ... ولا تتجاوز فيه حد المعاتب

وقد جارى بائية أبي تمام على مثلها من أربع وملاعب. واشتم أنفاسًا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015