ونظر ابن الرومي إلى صدر هذا البيت فجاء بآبدته:
ثم سام الأمير سوم الملاهي ... وخلا بالمدام والندمان
وما أقبح خلا هنا ونظر شوقي إلى عجز البيت فجاء بالبيت الذي ولد منه مائة وعشرة لم يزد بها على معناه كبير شيء:
وعظ البحتري إيوان كسرى ... وشفتني القصور من عبد شمس
وقد اتبع العقاد رحمه الله ترتيب النونية في الأبيات التي اختارها منها وقد بدأ بموضوع الهدي والبغي وألوان العرس ثم ذكر صورة وتهاويل رقم يجعل ذلك في مكان صورة أنطاكية ثم جاء بالكماة صفين وحبسهم مطرقين مغضين ولو كانت القافية سينية لعمرك لقد قال: «ولهم بينهم إشارة خرس» - ثم جاء بالأمير وهو ينظر في ذلك إلى ترتيب السينية ومكان الشربة الخلس وتوهم البحتري أن كسرى معاطية والبلهبذ أنسه، فقدم ابن الرومي الأمير وأخر الشربة وجعل في مكانها الخوان، وجاء بمتوكل الرائية «حتى طلعت بنور وجهك» فحذا عليه «وتجلى على السرير» كما تقدم ذكره، وبوليمة اللامية لوفد الروم فحذا عليها الخوان، ثم صار إلى القيان المطفلات المرضعات الملقمات. قال البحتري:
فكأني أرى المراتب والقو ... م إذا ما بلغت آخر حسي
وكأن الوفود ضاحين حسرى ... من قيام خلف الزحام وخنس
وكأن القيان وسط المقاصيـ ... ـر يرجعن بين حو ولعس
قالت العرب: حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.
والناظر المشاهد زحام موكب لا يرى أكثر من هذا. والزيادة في التفصيل قد تذهب بقوة الانطباعة وتبوخ بتأثيرها. وقد فعل ابن الرومي هذا حين تجاوز صفة البحتري للوفود كما قال البحتري قوله إلى قوله هو: «كلهم مطرق هنالك مغض