الشكير عني به هنا شطوء النبات وأوائل ما يخرج من صغاره ويطلق أيضًا على أوائل الشعر والريش. وإنما حاكى ابن الرومي ههنا مذهب أبي تمام وكان له شديد الاتباع، وقد زعم العقاد أن ابن الرومي لم يكن من أصحاب البديع وما كان ما اشتهر به من الغوص والتوليد إلا من بحبوحة دار البديع وقد مر بك قبل أيها القارئ الكريم أمر مفاضلته بين النرجس والورد الذي إنما هو زخرف معنوي محض، وههنا في هذه النونية وصف القيان وسنعرض له بعد قليل إن شاء الله والذي حاكاه من أبي تمام رائيته:

رقت حواشي الدهر فهي تمومر ... وغدا الثرى في حليه يتكسر

وقد مر الحديث عنها.

وقوله:

زخرفت يوم نعمه حجرات ... جد موطوءة من الضيفان

لا يخفى تعب العمل فيه عند «جد موطوءة من الضيفان».

وقوله: «ثم قام الكماة صفين» إلخ «كلهم مطرق إلخ».

وقوله: ثم قام الممجدون صفوفًا- هذا جميعه من مقال البحتري في السينية حيث وصف صورة أنطاكية وعراك الرجال من مشيح بعامل رمح مليح بترس وحيث ذكر الوفود فقال «وكأن الوفود ضاحين حسرى» البيت. وقول ابن الرومي في الخوان عن الأمير ما عدا فيه مجاراة البحتري وهو من مشهور مقاله في المتوكل وهو في أوج مجده الشعري وقد بلغ أشده وبلغ أربعين سنة أو زاد أو دون ذلك بقليل وابن الرومي فويق العشرين بقليل.

نظروا إليك فقدسوا ولو أنهم ... نطقوا الفصيح لكبروا ولهللوا

حضروا السماط فكلما راموا القرى ... مالت بأيديهم عقول ذهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015