ووصف ابن الرومي للدنيا أنها تزينت للمهرجان وتبدت مثل الهدي بفتح الهاء وكسر الدال وتشديد الياء بوزن فعيل أي العروس ثم بعد أن كانت هديًّا جعلها بغيًّا في قوله فهي في زينة البغي، ما عدا أن نقله من كثير في كلمته التي خاطب بها عمر بن عبد العزيز فقال:

وليت فلم تشتم عليًّا ولم تخف ... بريًّا ولم تقبل إشارة مجرم

وصدقت بالفعل المقال مع الذي ... أتيت فأمسي راضيًّا كلٌّ مسلم

ألا إنما يكفي الفتى بعد زيغه ... من الأود الباقي ثقاف المقوم

كأن كثيرًا يعني بهذا أن بني أمية قد كانوا في زيغ وجور حتى جاء عمر بن عبد العزيز فأصلح من أمرهم فكان بمنزلة الثفاف الذي يقوم به، أود القناة أي اعوجاجها وكان عمر بن عبد العزيز بمنزلة المقوم الذي ثقافه يصلح ما كان من اعوجاج الفتى وعني به أمر بني أمية قبله كله وكان كثير يتشيع معروفًا له ذلك، ثم تنأتي الصورة التي أخذ منها ابن الرومي وإياها اتبع بلا فضل من زيادة:

وقد لبست لبس الهلوك ثيابها ... وأبدت لك الدنيا بكف ومعصم

وتومض أحيانًا بعين مريضة ... وتبسم عن مثل الجمان المنظم

وأوشك كثير ههنا أن يخرج إلى الغزل.

فأعرضت عنها مشمئزًا كأنما ... سقتك مدوفًا من سمام وعلقم

وفي هذا البيت نوع من الكشف إذ قد مات عمر بن عبد العزيز مسمومًا فيما ذكروا والله تعالى أعلم.

وقول ابن الرومي:

كادت الأرض يوم ذلك تفشى ... سر بطنانها إلى الظهران

وتعود الرياض مقتبلات ... ناعمات الشكير والأفنان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015