معجت، وحركة الأعالي المتتابعة ينبئ عنها مع «معجت وأعالي حنوة» قوله أول البيت «أو نفحة» فالأعالي تحركت ونفحت طيبها من أجل معج الصبا فيها ونفحها لها ثم أعطاك صورة الروض كله ورذاذ المطر هام رقيقًا طلا رشا عليه- ومع أن الصورة ليلية في ظاهر المعنى القريب إلا أن ذا الرمة إنما عني حالها أول الصبح، إذ على ذلك بني روح تشبيهه، أن ريق خرقاء بعد انقضاء الكرى، هكذا صفة طيبه كما تكون حال الروضة بعد أن نفحت فيها الصبا وهمي تهميم المطر وأصبحت يتنفس عليها الصباح.

الصورة جلية واضحة وذو الرمة قد كان للمحدثين أستاذًا.

وقال ابن الرومي وهو مما تمثل به العقاد رحمه الله:

ويجور الخريف وهو ربيع ... وتسور المياه في العيدان

وهذا فيه أخذ عكسي من قول ذي الرمة:

أقامت به حتى ذوي العود في الثرى ... وساق الثريا في ملاءته الفجر

فصورة المياه في العيدان عكس لذوي العود في الثرى.

واستشهد على وصف الحركة البطيئة بقول ابن الرومي في سير السحائب:

سحائب قيست بالبلاد فألفيت ... غطاء على أغوارها ونجودها

حدتها النعامي مثقلات فأقبلت ... تهادي رويدًا سيرها كركودها

ووصف السحائب والمطر عند القدماء كثير وما عدا ابن الرومي الأخذ منه فأول قوله هذا من كلمة امرئ القيس:

ديمة هطلاء فيها وطف ... طبق الأرض تحري وتدر

طبق الأرض هو عين قوله: غطاء على أغوارها ونجودها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015