وبيت عبيد أو أوس:

دان مسفٌ فويق الأرض هيدبه ... يكاد يلمسه من قام بالراح

من الوصف السائر وإليه نظر بيت ابن الرومي الثاني ونسب العقاد إلى ابن الرومي براعة التشخيص وأفرد لذلك فصلًا (ص 296) والتشخيص في العربية كثير، ومكان أبي تمام -من بين المحدثين فيه لا يخفى، وبه اقتدى ابن الرومي وكان شديد الاتباع لطريقته في المعاني ولذلك ووزن بينهما عند بعض النقاد فيما بعد، كالذي صنع ابن رشيق في العمدة، وتأمل قوله يصف الغيث والروض:

ديمة سمحة القياد سكوب ... مستغيث بها الثرى المكروب

لو سعت بقعة لا عظام فعمي ... لسعي نحوها المكان الجديب

لد شؤبوبها وطاب فلو تسـ ... ـطيع قامت فعانقتها القلوب

فهي ماء يجري وماء يليه ... وعزال تنشى وأخرى تذوب

كشف الروض رأسه واستسر ... المحل منها كما استسر المريب

وهذا ذروة في التشخيص والتجسيد وما خلا بيت قبله من تجسيد.

واستشهد العقاد على إحسان ابن الرومي عامة في التصوير بنونيته في المهرجان قال (ص 302 نفسه) «وبودنا أن نثبت الآن قصيدة المهرجان النونية برمتها لأنها نموذج واف لشعر ابن الرومي في هذا الباب ولكنا نجتزئ منها بما يأتي وفيه الدلالة الكافية على هذه الملكة النادرة قال:

يمن الله طلعة المهرجان ... كل يمن على الأمير الهجان

مهرجان كأنما صورته ... كيف شاءت مخيرات الأماني

وأديل السرور واللهو فيه ... من جميع الهموم والأحزان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015