حتى استغاثت بماء لا رشاء له ... من الأباطح في حافاته البرك
كما استغاث بسيء فز غيطلة ... خاف العيون فلم ينظر به الحشك
وهي أبيات مشهورة:
وما أشبه نعومة ابن المعتز بنعومة الوليد بن يزيد. إلا أنه كان أقعد في الفضل. وكان الوليد فاسقًا. ومع هذا كأن له بكاء ولد صغير مدلل في الأبيات التي صرخ بها لما عاين الموت:
دعوا لي هندًا والرباب وفرتني ... ومسمعة حسبي بذلك مالا
خذوا ملككم لا بارك الله ملككم ... فليس يساوي عند ذاك قبالا
وخلوا سبيلي قبل عير وما جرى ... ولا تحسدوني أن أموت هزالا
وقد أبوا أن يخلوا سبيله.
ومن أدل شعر ابن المعتز على ما قد يتأتى له من الجودة أبياته الرائية:
سقى المطيرة ذات الظل والشجر ... ودير عبدون هطال من المطر
فطالما نبهتني للصبوح بها ... في غرة الفجر والعصفور لم يطر
أصوات رهبان دير في صلاتهم ... سود المدارع نعارين بالسحر
مزنرين على الأوساط قد جعلوا ... هذا الرؤوس أكاليلا من الشعر
كم فيهم من مليح الوجه مكتمل ... بالسحر يطبق جفنيه على حور
لاحظته بالهوى حتى استقاد له ... طوعًا وأسلفني الميعاد بالنظر
وجاءني في قميص الليل مستترا ... يستعجل الخطو من خوف ومن حذر
فقمت أفرش خدي في الطريق له ... ذلًّا وأسحب أذيالًا على الأثر
ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدت من الظفر
فكان ما كان مما لست اذكره ... فظن خيرًا ولا تسأل عن الخبر