أهلا بفطر قد أنار هلاله ... فالان فاغد إلى الدام وبكر
وانظر إليه كذورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر
فقال ما معناه أنه يصف ماعون بيته.
وقد تراه وهو في قافية جرير وبحره:
هاج الهوى بفؤادك المهتاج
ومع الجاهلية بأحقبه وأجاجه- ومع ذلك فرقبة البعير (جرانه) نحيتة ساج (وهو خشب جيد يجلب من الهند وأحسبه الذي نقول له الآن تيك) وكأنه -أي البعير- متسربل ثوبًا من الديباج. فهو كما ترى بين البعران أمير- ولله در الأعرابي البدوي القح حقًّا إذ يقول فأراك فرق ما بين الديباج والبعير:
تالله على النوم على الديباج ... على الحشايا وسرير العاج
مع الفتاة الطفلة المغناج ... أفضل يا عمرو من الإدلاج
وزفرات البازل العجاج
وكأن الصبح شخص مبتلعه الظلام وفي يده سراج. صورة جميلة لمنظر الفجر الأول وهو الذي يقال له ذنب السرحان، دقيقة جدًّا- ولكنها من ماعون بيته. هذا الخادم او هذه الجارية التي جردها وفي يدها سراج تسعى به في الدجى. الصورة منتزعة ممن له عهد بسرج يسعى إليه بها في ظلام الدجى. ثم هذا التجريد لمجرد إكمال التشبيه إذ بعيد أن يجرد امرؤ في «وقع الحياة» ويسعى بسراج.
وهذا الهلال المحاقي كأنه سيوار عاج -هذا أيضًا من ماعون بيته إذ الفيل والعاج كل ذلك كان مما لا يستطيعه إلا أهل الترف. فيه دواح أي ذوات أداح ولعلها أداح إذ الخطأ والتحريف كثير في هذه الطبعة. وقوله «حتى استغاث إلخ» أخذه من قول زهير: