وأحسب شاعر بني العباس نظر إلى أبيات أبي العباس الأعمى هذه حيث قال:
أصبح الملك ثابت الأساس ... بالبهاليل من بني العباس
كأنه ينقض به: «والبهاليل من بني عبد شمس».
وشيء من روح هذا النقض في كلام البحتري إذ سينيته مضمنة معنى الرثاء لخليفة من بني العباس، جعلهم لا يشاب البيان فيهم بلبس كما قال شاعر بني أمية عنهم «لم يقولوا بلبس».
وقول أبي العباس الأعمى:
ليت شعري أفاح رائحة المسـ ... ـك وما إن أخال بالخيف أنسي
فيه نفس من قول شاعر آل الزبير وهو ابن قيس الرقيات:
ليت شعري أأول الهرج هذا ... أم زمان من فتنة غير هرج
والنفس إيقاعي كما ترى، ومن شاهده بعد «ليت شعري» الهمزة وتوازن المسك والهرج ومذهب السؤال.
وهل نظر ابن قيس الرقيات إلى كلمة أبي طالب في الجاهلية:
ليت شعري مسافر ابن أبي عمـ ... ـرو وليت يقولها المحزون
والسؤال آت من بعد ومسافر ابن أبي عمرو من بني أمية، كان لأبي طالب صديقًا وانظر خبره في الأغاني.
هذا، وقد عاصر البحتري شاعران كبيران فضل ابن رشيق أحدهما على الطائيين في الصنعة البديعية وفضل الآخر عليهما في الغوص على المعاني ولكنه فعل ذلك بنوع ضعيف. فهل كان يصانع به سيده أبا الحسن؟