وفي صورة الثلج على الجبال يقول البحتري، ويذكر دارًا للفتح بن خاقان، وقد تعلم أمر مقتله مع المتوكل:
تلفت من عليا دمشق ودوننا ... للبنان هضبٌ كالغماء المعلق
ثم يقول البحتري في السينية:
غير أني أراه يشهد أن لم ... يك بانيه في الملوك بنكس
أي بضعيف ذي تقصير عن مدى المجد. ولا ريب أن الإيوان عمارة مجيدة لملك ماجد وأن هذا المعنى الظاهر من التنبيه على مجد فارس والأكاسرة أراده البحتري ولكنه يلابسه أيضًا معنى القصد إذ ذكر المتوكل، وجعفريه ورثائهما -يدل على ذلك انصراف البحتري من عظمة الصورة المعمارية التي أمامه بشموخها وبراعة هندسة عقد قوسها العجيب، إلى تأمل مناظر المراكب والوفود وأبهة الملك كما عهد ذلك عند المتوكل- في أيام الأعياد كما وصفه في الرائية.
أظهرت عز الملك فيه بجحفل ... لجب يحاط الدين فيه وينصر
خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت ... عددًا يسير بها العديد الأكبر
فالخيل تصهل والفوارس تدعي ... والبيض تلمع والأسنة تزهر
والأرض خاشعة تميد بنقلها ... والجو معتكر الجوانب أغبر
والشمس ماتعة توقد بالضحى ... طورًا ويطفئها العجاج الأكدر
حتى طلعت بنور وجهك فانجلت ... تلك الدجى وانجاب ذاك العثير
وافتن فيك الناظرون فإصبع ... يومى إليك بها وعين تنظر
وعند مجيء الوفود -كقوله في اللامية التي مطلعها: «قل للسحا إذا حدته الشمأل».
ورأيت وفد الروم بعد عنادهم ... عرفوا فضائلك التي لا تجهل