ثم يقول أبو عبادة:

ليس يدرى أصنع إنس لجنٍ ... سكنوه أم صنع جن لإنس

ظاهر المعنى للإيوان كما لا يخفى وباطنه للمتوكل والجعفري- وكأنه البحتري لما قال فصرح في الرائية:

حرامٌ على الراء بعدك أو أرى ... دمًا بدمٍ يجري على الأرض مائره

وهل أرتجي أن يطلب الدم واترٌ ... يد الدهر والموتور بالدم واتره

أكان ولي العهد أضمر غدرة ... فمن عجبٍ أو ولي العهد غادره

فلا ملي الباقي تراث الذي مضى ... ولا حملت ذاك الدعاء منابره

ولا وال المشكوك فيه ولا نجا ... من السيف ناضي السيف غدرا وشاهره

لنعم الدم المسفوح ليلة جعفر ... هرقتم وجنح الليل سود دياجره

لم يخل من نضح شر أصابه به تصريحه، فكان أن يعمد إلى التعمية بالرمز أحجى.

هذا، وقوله أصنع إنس لجنٍ، فالأغلب الأشهر أن تصنع الجن للإنس بتسخير يسخرونه. وما أشبه أن يكون مراده من صنع الإنس للجن جواري المتوكل لأن الحسان يشبهن بالوحش وبالجن وقال الشنفري:

فدقت وجلت واسبكرت وأكملت ... فلو جن إنسان من الحسن جنت

أي لو كان إنسانًا جنيًّا من الحسن لكانت كذلك.

وزعم أصحاب الأخبار أن أم بلقيس كانت من الجن تمثلت لأبيها غزالة وأن سليمان عليه السلام بنى الصرح وكان قد قيل له أن لها حافرًا، إذ الجني عندما يتحول إلى صورة إنسية يبقى له مع ذلك حافر فيستره لكيلا يستدل به عليه، فلما كشفت عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015