وسكون الراء وهو القطن. شبه الشرفات برؤوس الجبال عليهن بياض عمائم الثلوج وتشبيه الثلج المتساقط بالقطن قديم في الشعر، قال الفرزدق:
مستقبلين شمال الشام تضربنا ... بحاصبٍ كنديف الثلج منثور
وقال:
وأقبل موضوع الصقيع كأنه ... على سروات النيب قطن مندف
ولا يعقل أن يكون عني بياض طلاءٍ على شرفات الإيوان. إذ على تقدير بقاء الطلاء على زمان البحتري، فإنه لا يكون كالبياض الذي يرفعه الثلج على رؤوس الجبال. وقوله «بياض المشترى» يقوي ما نزعمه من أن جميع هذا رمز به عن الخليفة والخلافة والقصر الجعفري- ألا تجده في السينية يقول:
عكست حظه الليالي وبات الـ ... ـمشترى فيه وهو كوكب نحس
والمشترى مذكور في الرائية لأنه كوكب سعادة. والبياض هنا بياض طلاء وبسعد الجعفري والخليفة جعفر فإن منزله في السماء مع الكواكب. وقد جعله منارًا وما شبهه برضوى وضيبر إلا لمكان معالم النبوة وقداسة الحرمين هناك. وكأن نصًّا قاطعًا برهانه على هذا الذي نذهب إليه قوله:
بانيه باني المكرمات وربه ... رب الأخاشب والصفا والمشعر
والأخاشب والصفا والمشعر كل ذلك بحرم مكة والخلافة هي ذات السيادة والشرف الذي أصله من هناك. وربه أي رب هذا القصر وسيده وهو سيد هذه المواضع بسيادة الخلافة. أو باني هذا القصر هو الخليفة باني المكرمات وعابد ربه بما يتقرب به إليه منها وربه هو رب الحرم والصفا والمروة والمشعر الحرام. والمعنى الأول أوضح وأقرب وأشبه بسياق أسلوب البحتري.