لاحظ اقتنان تخير الألفاظ هنا- شدوه- نغم- الألحان.

البلبهذ هنا هو بنان وهو زنام، يدلك على ذلك قوله أنسي، وأنس الجعفري كان بهذين كما كان أنس كسرى بالبلبهذ.

حلم مطبق على الشك عيني ... وامان غيرن ظني وحدسي

جعله مع كونه حلمًا مطبقًا لعينيه على شك لأنه يعلم أن المتوكل قد قتل وأن الأنس قد زال وأن ابن عمه قد نبا عنه بعد قرب ومودة وإيناس. لا بل هو ليس بشك، ولكنها أمان من فؤاد محزون. وإذا هذا الإيوان الذي كان حيًّا بكسرة والبلبهذ والمجد المنيف قد عاد مغارة كمغارة أهل الكهف. قد عاد قبرًا. قد صار خرابًا.

وكأن الإيوان من عجب الصنعة ... جوب في جنب أرعن جلس

قوله «عجب الصنعة» -أي حتى صار الأمر يبدو كأنه كهف طبيعي من عمل بد الطبيعة ليلها ونهارها وأرواحها وأمطارها. أجود الصنعة ما بدا كأن ليس للصنعة فيه يد، مثل شعر أبي عبادة هذا السهل الممتنع، الطبيعي المصنوع، البدوي الحضري، الناعم. تأمل قوله «جوب في جنب» - ثم «جلس» عند القافية.

يتظنى من الكآبة أن يبـ ... ـدو لعيني مطبح أو ممسي

مزعجًا بالفراق عن أنس ألفٍ ... عز أو مرهقًا بتطليق عرس

مرة أخرى تأمل قوله «أنس» والذي أزعج بالفراق عن أنس إلفه هو البحتري وإلفه الفتح أو هو المتوكل وإلفه الفتح أو هو الفتح وإلفه القصر ومجده أو جميع هؤلاء وإلفهم ما كانوا فيه من مدامة وانس. وأما العرس فهي الخلافة والمرهق هو الخليفة إذ طلقها يعلوه الحسام أو كما قال الآخر:

فطلقها فلست لها بكفء ... وإلا يعل مفرقك الحسام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015