من ابن عمه هذا؟ أهو الخليفة الجديد، جعله ابن عمه لأنه عربي مثله؟
وإذا ما جفيت كنت حريًّا ... أن أرى غير مصبح حيث أمسي
حضرت رحلي الهموم فوجهت ... إلى أبيض المدئن عنسي
وهذه العنس هنا، وهي الناقة، نادت عنسًا في قوله «عنسٍ وعبس» من بعد. فإذا حملنا العنس هنا على معنى العنس الأولى أي مسعاة ناقتي مسعاة القوم الذين اسمهم كاسم ناقتي. فهل يجوز أن نتوهم شيئًا من إشارة إلى بني العباس في قوله «عبسي»؟
بل هو يجوز أن نتوهم أيضًا إشارة لبني أمية في قوله عنس إذ كان بنو حرب وهم الذين أسسوا دولة بني أمية يقال لهم العنابس أي الأسود؟ أم هل أراد بعنس وعبس فقط بني أمية حملًا للفظين على عنبسة وعنابس فنرجع إلى المعنى الأول وهو العرب على تقدير أن دولة بني العباس هي كما زعم صاحب الفخري دولة عجمية؟
وتأمل قوله:
فكأن الجرماز من عدم الأنـ ... ـس وأخلاقه بقية رمس
لو تراه علمت أن الليالي ... جعلت فيه مأتمًا بعد عرس
أليس هذا مثل قوله:
تحمل عنه ساكنوه فجاءة ... فعادت سواء دوره ومقابره
إذ نحن زرناه أجد لنا الأسى ... وقد كان قبل اليوم يبهج زائره
ثم كأن البحتري يعيش فترة أخرى من عهد منادمته المتوكل -وقد بدأ كأنما هو يتحدث بموضوعية عن الإيوان وما مني به من تقلب صروف الزمان:
وهو ينبيك عن عجائب قوم ... لا يشاب البيان فيهم بلبس