حيرى ينظر فيها إلى كلمة عمر «تحير منها في أديم الخدين ماء الشباب».
هل ركب مكة حاملون تحيةً ... تهدى إليها من معنًى مغرم
رد الجفون على كرًى متبدد ... وحنى الضلوع على جوى متضرم
إن لم يبلغك الحجيج فلا رموا ... في الجمرتين ولا سقوا في زمزم
ومنوا برائعة الفراق فإنه ... سلم السهاد وحرب نوم النوم
غير خاف ههنا موضع الصنعة الحبيبية في سلم السهاد إلخ «وفي رائعة الفراق».
ألوى بأربد عن لبيد واهتدى ... لابني نويرة مالك ومتمم
وهذا أيضًا نفس حبيبي.
سائر القصيدة بعد بيت ابني نويرة دون المستوى الرائع في ديباجة مقدمتها. وللبحتري قصائد كثيرة يهبط فيها عن المستوى الذي يبلغه في المقدمة، ومن أجل هذا أحسب أن ابن المعتز أخره عن أبي تمام، كما أحسب أنه من أجل هذا الانسياب والحرارة في بداياته نسبة الناسبون إلى الطبع البدوي. والحق أنه لو تأملناه طبع مع الذي قدمناه من أمر بداوته الفنية، حضرى؛ لأن بداياته وأوساطه ونهاياته في المتوكل ديباجتهن جميعًا عالية. وكأنه كان يصنع شعره على قدر مراتب ممدوحيه. فههنا موضع الحضارية.
وسينية البحتري، وهي من ذراه بل من ذرى الشعر على وجه الإجمال، جمع فيها بين الديباجة والمهارة والتحليق والعمق، وفيها حزن يجعلها هي مرثيته الحقة للمتوكل والفتح ليست رائيته المشهورة «محل على القاطول أخلق دائره» بأخلق منها