فإن فخرت بالجود ألسن معشر ... عضضتم على صغرٍ بصم الجلامد

تسميتمو فينا ملوكًا وأنتمو ... عبيد لما تحوى بطون المزاود

ومكنتم أذفانكم من نحوركم ... كأنكم أولاد يحيى بن خالد

وما كان عاقبة أولاد بن خالد إلا أن نكبوا، فكأن ابن الرومي يحرض عليهم من طرف خفي أن تخضب لحاهم بدماء نحورهم.

فلو أن أعناقًا تمد لخيركم لقلدتموها خاملات القلائد

لقد ذدتمونا عن مشارب جمةٍ وغرقتم في غمرها كل جاحد

وهذا من اضطراب ابن الرومي المسكين، كأنه يزعم لهؤلاء الذين ولغ في أعراضهم أنهم لو مكنوه من مشاربهم لهم لم يكن جاحدًا وأنه خير من آخرين أحسنوا إليهم فما جزوهم على الإحسان إلا جحودا.

وأحييتم دين الصليب وقمتم ... بتشييد أديار وهدم مساجد

أخذ هذا من هجاء الفرزدق لخالد بن عبد الله القسري إذ قال فيه:

ألا قطع الرحمن ظهر مطيةٍ ... أتتنا تهادى من دمشق بخالد

بني بيعة فيها الصليب لأمه ... ويهدم من كفر منار المساجد

وزعموا أن خالدًا إنما هدم ما هدم من منائر المساجد لأنه سمع قول قائل بذكر المؤذنين أنهم يشيرون أو تشير إليهم:

بالهوى كل ذات دل مليح

والغيرة على الحرم مما تحمد به الولاة فكان بعضهم ربما غلا في إظهار ذلك. وكان الحجاج مما يمدح بالغيرة كما في أخباره وكما مر من شعر جرير:

وإبطال ما كان الخليفة جعفر ... تخيره زيا لكل معاند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015