ومن جيد هجاء ابن سكرة قوله:
تهت علينا ولست فينا ... ولي عهد ولا خليفة
فته وزد ما علي جار ... يقطع عني ولا وظيفة
ولا تقل ليس في عيب ... قد تقذف الحرة العفيفة
وهذا كأن فيه من أبي العتاهية أنفاسًا.
وفي بعض الطبعات الحديثة لمقامات الحريري «وكف ناعم وكسا» وهي كناية نابية عن البيت لخلو الكاف من جرس السين، ثم كأن الذي جاء بها قد استعارها من موضع آخر فلينظر.
وقال أبو العلاء في اللزوميات:
لو نطق الدهر هجا أهله ... كأنه الرومي أو دعبل
وهو لعمري شاعر مغزر ... لكنه في لفظه مجبل
والضمير «هو» يعود على الدهر، وما أحسب أن أبا العلاء خلا فيه من غمز ابن الرومي. ودعبل من شياطين الهجاء وليس بعمادٍ إلى الرفث ولكن إلى الصور المضحكة نحو هجائه لعباد كاتب المأمون.
أولى الأمور بضيعة وفساد ... أمر يدبره أبو عباد
يسطو على كتابه بدواته ... فمضرج بدم ونضح مداد
وكأنه قد كان يجاري مذهب يزيد بن مفرغ.
وفي ابن الرومي مرارة وقذارة حين يروم ذلك. ومن أجود ما يروى له هجاؤه آل وهب وبأيديهم -إن صح الخبر- كان مقتله:
تركنا لكم دنياكم وتخاضعت ... بنا همم قد كن فوق الفراقد
لئن نلتمو منها حظوظًا فقد غدت ... نفوسكم مذمومة في المشاهد
كسوتم جنوبًا منكم لبسة القلى ... وعريتموها من لباس المحامد