مهد للتثنية بقوله عقاب عقنباة -كأن عقابًا صفة لواحدة منها وعقنباة للأخرى، والعقنباة هي السريعة مأخوذة من نفس لفظ العقاب.
هما الغول والسعلاة حلقي منهما ... مخدش ما بين التراقي مكدح
ثم رجع بعد هذه التثنية يصف امرأة واحدة -وجاء بصورة مضحكة مبالغ فيها من القتال بينها وبينه وهو المغلوب وهي المسترجلة المنتصرة عليه- وأحسب أنه افتعل هذه الهيئة من تصوير المعركة بينها وبينه افتعالًا لا يعني به إلا الهزل:
لقد عالجتني بالنصاء وبيتها ... جديدٌ ومن أثوابها المسك ينفح
ولا يخفى أنه يثنى عليها بنوع من تغزل في قوله «ومن أثوابها المسك ينفح» على أن ظاهر مراده منه تأكيد معنى «وبيتها جديد» وأنهما بعد عروسان. والنصاء هو الأخذ بالناصية.
إذا ما انتصينا فانتزعت خمارها ... بدا كاهل منها ورأس صمحمح
أي شديد وكأنه ساروها وهي تهم بخروج أوهما آئبان، لأنها لم تكن لتختمر منه وهي في بيتها.
تداورني في البيت حتى تكبني ... وعيني من نحو الهراوة تلمح
والهراوة بيدها هي.
وقد علمتني الوقذ ثم تجرني ... إلى الماء مغشيًّا على أرنح
ولم أر كالموقوذ ترجي حياته ... إذا لم يرعه الماء ساعة ينضح
يقول قد عودتني أن تضربني حتى تتركني موقوذًا -ومنه قوله تعالى: {وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} فالموقوذة ما قتلت بالضرب فهذه أكلها حرام ومراد جران العود أنها علمته أن يكون مغلوبًا لها بالضرب لأنها تسبقه إلى الهراوة فيسقط