وكلمة ابن خفاجة الأندلسي مختلفة في جملة المعاني وتفصيلها عن بائية القطامي إذ هذا يصف الجبل على نحو من أسلوب العظة والعبرة، وذلك قوله:
بعيشك هل تدري أهوج الجنائب ... تخب برحلي أم ظهور النجائب
وحيدًا تهاداني الفيافي فأجتلي ... وجوه المنايا في قناع الغياهب
ولا جار إلا من حسام مصمم ... ولا دار إلا في قتود الركائب
بليل إذا ما قلت قد باد فانقضى ... تكشف عن وعد من الظن كاذب
هنا نظر إلى النابغة وامرئ القيس معًا وليلهما للشعراء طريق مطروق.
صحبت الدياجي فيه سود ذوائب ... لأعتنق الآمال بيض ترائب
هنا سير على طريقة أبي تمام وقد مر من ذلك أمثلة وقد حذفنا بعض ما سار فيه على المنهج الحبيبي اختصارًا لتشابهه.
فمزقت جيب الليل عن شخص أطلس ... تطلع وضاح المضاحك قاطب
رأيت به قطعًا من الفجر أغبشا ... تأمل عن نجم توقد ثاقب
أحسب أنه في البيت «فمزقت» يصف لقاءه الذنب الذي قل شاعر لم يلقه، وهو الأطلس الذي تطلع، يلتمس القوت، وجعله وضاح بياض الأنياب كالضاحك ولكنه قاطب عابس، وهذا من صفة الفرزدق:
فقلت له لما تكشر ضاحكًا ... وقائم سيفي من يدي بمكان
والضمير في به من أول البيت الثاني يعود على الليل. «وتأمل» التي في الشطر الثاني لا يستقيم بها المعنى إلا على تكلف، أي نظر بنجم متوقد ثاقب في أواخره، ولعلها خطأ.
وأرعن طماح الذؤابة باذخٍ ... يطاول أعنان السماء بغارب