جعلها تترنم بشعر لبيد وغير القافية لتناسب حرف الروى الذي التزمه. وبيت لبيد.
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائل
فأخذ الزائل من عجز البيت واستبدلها بالبائد في مكان «باطل» التي عليها تصريح لبيد. وصورة المرأة النصف الجادة في العمل والكسب ذات حيوية لا تخفى كما صورها حميد هنا.
فذاقته من تحت اللفاف فسرها ... جراجر منه وهو ملآن ساند
أي ذاقت لتتأكد من جودة الرائب واستوائه للمخض فتجشأت فهذه جراجره وسرها ذلك فأخذت تعمل، وذلك بإبعادها السقاء بدفعه من يديها ثم جذبه، فإذا مال جهة اليمين على جانبه الوحشي ردته الدفعة منها مستقيمًا على جانبه الأيسر وظلت هكذا تدفعه وتجذبه ويميل فيعد له عراكها له حتى جاءت خلاصة ذلك زبدة صفراء جعدة، عن استخراج مثلها من مثله كانت مصاداتها للسقاء وذلك، بالذي صنعته من تليينه وسقيه ثم مخضها الرائب باتقان.
إذا مال من نحو العراقي أمره إلى ... نحرها منه عنان معاند
وذلك أن الجذبة تميل برقبة السقاء إلى جانب عنقها هي.
يميل على وحشيه فيميله ... لأنسيه منها عراك مناجد
فعضت تراقيه بصفراء جعدة ... فعنها تصاديه وعنها تراود
التراقي معروفة وتعني هنا ما يلي رقبة السقاء ودلت على أن الزبد كثير ملأ من عند فم السقاء إلى حيث أعلى صدر الجلد من السقاء. والعراقي هي الخشبات التي يناط بها السقاء وهو في الدلو خشباته التي ينفرج عنها فمه.