الآن وقت جدها وطيبها نفسًا بكل ما عندها من سرعة الطيران. وتأمل دقة الصورة وحيويتها حتى لتكاد تسمع حفيف أجنحة الصقر المطرق ريش القوادم الشرس المخيف.

حتى إذا ما هوت كف الوليد لها ... طارت وفي كفه من ريشها بتك

كأن الصقر أهوى هنا ليخطفها. وهو الإهواء الذي بدأ به الشاعر وهو وقت أشد خوفها فلما أهوى إليها هوت منه في أشد إسراع. ودانت الأرض، فمد غلام إليها يده، فكأنما نجت من مصيبة لتقع في أشد منها. فطارت صاعدة وقد انتزع بتكا من ريشها بكسر الباء وفتح التاء جمع بتكة يكسر فسكون. واستمرت ببقية قوة طيرانها إلى الوادي. ودل على قرب الوادي منها هذا الغلام. وحاد عنها الصقر لخوفه حيث كثرة الناس.

ثم استمرت إلى الوادي فألجأها ... منه وقد طمع الأظفار والحنك

وكيف لا تطمع أظفاره وحنكه وقد كان عند ذناباها يكاد يخطفها.

حتى استغاثت بماء لا رشاء له ... من الأباطح في حافاته البرك

والبرك من الطير بضم وفتح فيئس الصقر وزل عنها وارتفع إلى صخرة يراقب منها.

فزل عنها وأوفى رأس مرقبة ... كمنصب العتر دمى رأسه النسك

ومن هنا أخذ ذو الرمة طريقة سائر وصفه الصقر حيث قال:

طراق الخوافي واقع فوق ربعةٍ ... ندى ليله في ريشه يترقرق

فجعل الندى مكان السفعة التي بدأ بها الصقر فوق صخرته كأنه نصب قد اسودت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015