مل المقام فكم أعاشر أمة ... أمرت بغير صلاحها أمراؤها

ظلموا الرعية واستجازوا كيدها ... وعدوا مصالحها وهم أجراؤها

ولولا خشية أن نفرط في الإطالة لأوردناها كاملة.

هذا ومن قصص الوصف الجيد في باب الخروج من قديمات القصيد قطاة زهير بن أبي سلمى وقد شبه بها فرسه ثم خلص إلى صفة نجائها من الصقر:

كأنها من قطا الأجباب حلأها ... وردٌ وأفرد عنها أختها الشرك

أي كأن فرسي قطاة من القطا التي ترد الأجباب أي البئار، حلأها أي منعها من الورود أن رأت وردًا أي جماعة من الناس واردة فأخافها ذلك. وكانت لها رفيقة أصابها شرك فزادها ذلك ذعرًا. ثم أهوى لها صقر أسفع الخدين ليصطادها:

جونية كحصاة القسم مرتعها ... بالسي ما تنبت القفعاء والحسك

أهوى لها أسفع الخدين مطرق ... ريش القوادم لم ينصب له الشبك

أي صقر. وقول ذي الرمة «طراق الخوافي» الذي مر مأخوذ من ههنا.

لا شيء أسرع منها وهي طيبة ... نفسًا بما سوف ينجيها وتترك

تأمل صناعة زهير كيف جعل آخر البيت السابق صفة منونة بعدها تمييز وكذلك فعل في هذا البيت إلا أن التمييز هنا منون وفي البيت السابق مضاف إلى ما فيه الألف واللام- وتترك أي تدخر بعض سرعتها إلى حين تحزبها مضايقة الصقر لها.

دون السماء وفوق الأرض قدرهما ... عند الذنابي فلا فوتٌ ولا درك

عند الذنابي له صوتٌ وأزملةٌ ... يكاد يخطفها طورًا وتهتلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015