مستكنات الحلق عنى بها أرحامها وهو من صفة القرآن لأرحام النساء {فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المرسلات] {خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ} [الزمر] أي هذه الأتن الثمان قد حملت وأحصنت في أرحامها أجنة مثل الدعاميص التي ترى في بقايا الغدران وماؤها كما وصفه رنق أي ذو كدرة. وصفة الأجنة بالدعاميص من دقيق الملاحظة. والعلماء الطبيعيون يرون في باب التطور أن الجنين في الرحم يحكي الضروب التي كان قد مر بها نوعه قبل أن يصير إلى تقويمه النهائي فالبشر مثلًا كانوا كالأحياء المائية قبل ان يصيروا برمائيين وأصنافًا من الزواحف فالثدييات فالقردة فالنسانيس. وفي أمثال الميداني أن النسناس خلق كالناس، غلبه الناس وأكلوه، وكان ضعيف الكيد مهذارًا فذلك كان يدل الناس على مكانه فيأخذونه ويأكلونه. فزعموا أن آخرهم هلاكًا خاف فلزم الصمت وقال لما رأى صاحبيه المهذارين يقتلان: «أما أنا فصميميتٌ» فأرسلها مثلًا فسمعه الناس فصعدوا إليه فقتلوه وأكلوه. ويزعم بعض الباحثين أن أصنافًا من النسناس لا تزال باقية في بعض الأصقاع النائية من منغوليا وجبال القوقاز. فالله أعلم ما صحة ذلك.
ثم أخذ رؤبة في صفة الصيف وأعاصيره وسفاه -والسفا شوك ذو أسنة لذاع وجفافه وعطشه وما تدعو إليه الحاجة عند ذلك من التماس الورد، وأن الحمار يكون في هذه الحال لآتنه بمنزلة السيد والدليل والقائد والحارس كما قدمنا من ذكر أمره:
ألف شتى ليس بالراعي الحمق
شذابة عنها شذى الريع السحق
الربع جمع الرباعي من الفحول والسحق جمع سحوق أي طويل.
قباضة بين العنيف واللبق