وبان الأحبة حتى فنوا ... ولم يترك الدهر منهم عميدا

فيا دهر قدك فأسمح بنا ... فلسنا بصخر ولسنا حديدا

ولا يبقى الصخر ولا الحديد.

هذا والقصص في باب الوصف متمكن، وحسبك شاهدًا قافية رؤية:

وقاتم الأعماق خاوي المخترق ... مشتبه الأعلام لماع الخفق

تبدو لنا أعلامه بعد الغرق ... في قطع الآل وهبوات الدقق

خارجة أعناقها من معتنق

وقد ذكرنا في الجزء الأول أنه جاء بها على مذهب الحداء وآية ذلك أن هذا سير وانخراط وهو الذي بدأ به من دون توطئة من نسيب- أخذ في الخروج رأسًا واكتفى به، وذلك أنه إنما كان يفد حين يفد بفصاحة البداوة ومعرض ذلك الخروج ووصف السير وطبيعة الصحراء وحيوانها.

هذا المعتنق، أي المكان الذي تعتنق فيه أعلام الصحراء خارجة من قطع السراب وتكسو البعد دونها هبوات الدق من الغبار.

تنشطته كل مغلاة الوهق ... مضبورة قرواء هرجاب فنق

هذه ناقة كما ترى ثم شبهها لتأنيثها -هكذا يقتضي السياق- بأتان وحشية.

كأنها حقباء بلقاء الزلق

الحقباء الأتان الوحشية لها خط صوف كالحزام في بطنها وفي وركيها الأملسين لون أبلق أي ذو سواد وبياض. ثم أضرب عن الأتان وشبه الناقة بالحمار إذ ذلك أدل على القوة ثم هو مدخل إلى الوصف الذي هو حقًّا غرض الشاعر:

أو جادر الليتين مطوي الحنق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015