وذلك يكون من الخوف والهلع وقد وضحه في قوله من بعد:
وأعجلن عن شد المآزر ولها ... مفجعة الأصوات قد جف ريقها
وأمنع جار البيت مما ينوبه ... وأكرم أضيافًا قراها طروقها
أي يكفي أن يطرفوا بليل فأنا أقربهم ولا أسأل وراء ذلك من سؤال:
وإذ الشيء بالشيء يذكر فإن من جيد شعر أبي محجن، وليس من هذا الباب، قوله نورده لما فيه الحكمة وهي مع حرارة الصدق من انفعال القلب، هما جوهر الشعر:
لا تسألي الناس عن مالي وكثرته ... وسائلي القوم عن بذلي وعن خلقي
قد يعلم القوم أني عن سراتهم ... إذا سما بصر الرعديدة الفرق
أعطي السنان غداة الروع نحلته ... وعامل الرمح أرويه من العلق
وأطعن الطعنة النجلاء عن عرض ... تنفي المسامير بالإزباد والفهق
أي بفوران الدم منها واتساع خرقها.
عف الإياسة عما لست نائله ... وإن ظلمت شديد الحقد والحنق
وأكشف المأزق المكروب غمته ... وأكتم السر فيه ضربه العنق
أي أكشف الغماء عن المكان الضيق الذي فيه الكرب.
قد يقتر المرء يومًا وهو ذو حسبٍ ... وقد يثوب سوام العاجز الحمق
ويكثر المال يومًا بعد قلته ... ويكتسي العود بعد الجدب بالورق
ويعجبني مما يجري نحوًا من هذا المجرى من قديم مقالات الحكمة قول عمرو بن قميئة صاحب امرئ القيس:
كبرت وفارقني الأقربون ... وأيقنت النفس أن لا خلودا