فعاد بالعتيق على معنى الخمر وضمن حديث الصديق معنى المصاحبة في حالي الصيد والشراب وما أشبه. وبقي شيء سواهما وهو الموت وقد تردى ساقطًا من فرس. إن ربك لبالمرصاد.

وسقنا هذه الأبيات لمناسبتها بعض ما كنا فيه وبعض معاني ما يلي. فقوله: «قلائص» في تشبيه النجوم نظر إليه ذو الرمة في قوله «قلاص حداها راكب متعمم» البيت. وصفته الساقي كصفات الجاهلين من نحو قول الأسود بن يعفر:

يسعى بها ذو تومتين منطقٌ ... قنأت أنامله من الفرصاد

وتشبيهه لفقاقيع الخمر بكواكب در في سماء عقيق من نوع التشبيهات الحضارية المتصنع لها نحو «زورق من فضة» و «حمولة من عنبر» إلا أنه أقرب مثالًا وأكثر حيوية روح وأوغل في حاق عنصر التأمل الجمالي وإليه بلا ريب نظر أبو نواس في كلمته المشهورة.

كأن كبرى وصغرى من فواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب

وبيت يزيد أجود لأن الكواكب الدرية والسماء العقيقية أشبه بأثيرية نشوة الخمر من الحصباء وأرض الذهب وفي هذين كلفة تصنيع وقد تعلم ما أخذه عليه النحويون من قوله كبرى وصغرى وقد دوفع عنه في ذلك- هذا ومن جيد ما جاء في الخمر ومن نادره في بابه قول الأقيشر وقد ترجم له صاحب الأغاني وأحسب أن هذه الأبيات في الحماسة البصرية:

ومقعد قوم قد سعى في شرابنا ... وأعمى سقيناه ثلاثًا فأبصرا

شرابًا كريح العنبر الورد نشره ... ومسحوق هنديٍّ من المسك أذفرا

إذا ما رآها بعد إنقاء غسلها ... تدور علينا صائم القوم أفطرا

من القهوات الغر من أرض بابل ... إذا صبها الحاني في الكأس كبرا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015