أي لصعد إلى هذه المباءة حتى ينال ما فيها من عسل يأنامله.
تدلى عليها بالحبال موثقًا ... شديد الوصاة نابل وابن نابل
أي أوصاه أبوه بذلك أو هو أوصى أصحابه بالحبل أن يشدوه ويمسكوا به والوجه الأول أقوى.
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوبٍ عواسل
قالوا لم يرج لسعها أي لم يخفه وبه فسر قوله تعالى {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}، على أن ظاهر المعنى أنه قد خالفها وهي غائبة فأخذ العسل من بيتها وهو الذي نعته بأنه «بيت نوب عواسل» أي بيت منتابات للزهر يجنين منه العسل. وهل المعنى أنه إذا لسعته النحل كره أن ينتظر لسعها وترقب غيابها فخالفها في بيت نوب عواسل؟ وقد يقال في العامية رجا بمعنى انتظر وهو من أصل فصيح ... بدليل قوله تعالى {أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} وقرئ أرجئه وأخاه فلهذا الرباعي أصل ثلاثي بلا ريب وما أشك أنه الذي في العامية إذ يقولون أرجاه أي انتظره ولا ترجاه أي لا تنتظره وتفسير بيت أبي ذؤيب بهذا أوضح والله تعالى أعلم.
ثم بعد إصابة العسل يمضي أبو ذؤيب ليصف مزجه بالراح فما ذلك:
بأطيب من فيها إذا جئت طارقًا ... وأشهى إذا نامت كلاب الأسافل
إلى آخر ما قاله:
ولأبي ذؤيب خبر من أخبار الغراميات القديمة سبقت منا الإشارة إليه وذلك أنه فيما روى عن أبي عمرو أحسبه الشيباني كان «يبعث ابن عم له يقال له خالد ابن زهير إلى امرأه كان يختلف إليها يقال لها أم عمرو وهي التي كان يشبب بها فأرادت الغلام على نفسه فأبى ذلك حينًا وقال أكره أن يبلغ أبا ذؤيب ثم طاوعها فقالت ما يراك إلا الكواكب. فلما رجع إلى أبي ذؤيب قال والله إني لأجد ريح أم عمرو منك، ثم جعل لا يأتيه إلا استراب به». إلى آخر الخبر. أ. هـ.