تجامل بالجيم المعجمة وههنا رقة وأدب نفس من معدن قوله من قبل:
ولو عثرت عندي إذن مالحيتها ... بعثرتها ولا أسيء جوابها
وجميع هذا منبئٌ بصدق الصبابة والحس المرهف. وكأنه قد دب بينه وبين محبوبته هذه ما يدب من فتور الوصل وما يعقب ذلك من هجران- آية ذلك قوله:
فلا يهنأ الوشين أن قد هجرتها ... وأظلم دوني ليلها ونهارها
فإن اعتذر منها فإني مكذب ... وإن تعتذر يردد عليها اعتذارها
فقد تهاجرا كما ترى وفي القلوب الصبابات.
وقد وصف أبو ذؤيب العسل في اللامية التي ذكر فيها الحديث.
وأتقن نعت العاسل في أنصع لفظ وأوضحه حيث قال:
وما ضربٌ بيضاء يأوي مليكها ... إلى طنفٍ أعيا براقٍ ونازل
مليكها أي يعسوبها والطنف بضمتين الصخرة الناتئة والحيد والرأس من رؤوس الجبل.
تهال العقاب أن تمر بريده ... وترمي دورءٌ دونه بالأجادل
الريد ما نتأ من الجبل والريود جمع والأجادل الصقور أي دروء الجبل أي جوانبه المعوجة عالية رهيبة تسقط الصقور دون بلوغها.
تنمى بها اليعسوب حتى أقرها ... إلى مألفٍ رحب المباءة عاسل
أي ارتفع اليعسوب حتى أقر العسل في مكان متسع صالح للعسل كثيره- وقد عزم الذي يريد أن يشتار هذا العسل عزمًا قويًّا على أن يصل إليه:
فلو كان حبلٌ من ثماني قامةً ... وتسعين باعًا نالها بالأنامل