النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ} في سورة فاطر، وقف عنده ابن جني في المحتسب.
وهذه الأبيات من أرق الشعر ولا أعلم ما قول أصحاب مادية غزل العرب فيها وهو قولٌ ضحل قال به العنصريون خنزوانةً وجهلًا وأخذ به بعض المعاصرين أما عن غفلة وإما عن جهل وإما عن بعض الطلب الضال للتحرر مما يظن أنه قيد من المحافظة والدين، والعجب من مذهب أحمد أمين في هذا الباب.
وفي قول امرئ القيس: «أغرك مني» انظر كيف جاء بالراء في القسيم الأول ثم في أوائل القسيم الثاني: «وأنك مهما تأمري القلب بفعل»، وقوله: «وما ذرفت عيناك» يقابل قوله: «ففاضت دموع العين» وقد فاضت على محمل سيفه وليس له من غناء وقد فاضت عيناها وهما بذلك سهمان يخترقان القلب، وهما أيضًا قدحًا ميسرٍ يلعبان تدللًا بالعاشق- وههنا طيف وظلٌّ من المطية التي عقرها والمطية رمز للشاعر نفسه وقد ذبحت وجعلت أعشارًا وضربت عنيزة بسهميها تلعب بهذه الأعشار المقطعة.
تاسعًا: مغامرة الغرام من عند قوله:
وبيضة خدرٍ لا يرام خباؤها ... تمتعت من لهوٍ بها غير معجل
وهذا صدًى من قوله: «ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة» ومن قوله: «فمثلك حبلى قد طرقت ومرضعٍ» وكأنه استمرار ورجعة إلى ذلك بعد الرقة التي رقها في قوله: «أفاطم مهلًا بعض هذا التدلل». وهذه المغامرة التي ذكرها امرؤ القيس كانت أمثالٌ لها مذهبًا عند الشعراء ولعله هو حاكي مذهبًا وقد نبهنا إلى ما نرجحه من قدم قصة العاشقين من أمثال عروة والمرقش في معرض الحديث عن الحسن بن هانئ.