قاله امرؤ القيس ثم أضرب عنه واستغنى بقوله:
فقلت لها سيري وأرخي زمامه ... ولا تبعديني من جناك المعلل
أستبعد هذا الوجه وإن بدا في البيت شيء من روح امرئ القيس ونفسه في «ردافنا» لملاءمتها ومجاوبتها فيما يبدو لقوله: «وأردف أعجازًا» ولقوله «جناة السفرجل» لما فيها من تكرار لفظ الجني ومعناه، ولموازنة السفرجل كلمات مثلها في القصيدة كالسجنجل والعقنقل، إذ هذه للمتأمل روح محاكاة وليست أصيلة ولعلها صناعة مسجدية كقول أبي عمروٍ في:
وسنٍّ كسنيقٍ سناءً وسنما ... ذعرت بمدلاج الهجير نهوض
ومما يدل على ما نرجحه من أنه مصنوع على ظاهر حلاوته وخفة روحه أن فيه شيئًا من تطويل زائد ليس من حاق جزالة امرئ القيس في شيء، مثلًا: «ذرى البكر لا ترثي له إلخ» فقد سبق قوله: «عقرت بعيري» وهو فوق الرثاء إذ هو زجر، وسبق قوله: «وقد مال الغبيط بنا معًا» وفيه عدم المبالاة وروح اللهو من الشاعر الذي الجهر به في «ذرى البكر إلخ» لا يزيده جودة ولا حاجة إليه. وقوله: «وهاتي أذيقينا جناة السفرجل» طويل، ولا يخلو من غلظة بعيدة كل البعد من لطف: «ولا تبعديني من جناك المعلل» وأجود ما في البيت السفرجل، ولعلها كان في بيتٍ أضاعته الرواة ولفق المسجديون هذا الحلو الظاهر الخاوي الباطن مكانه، وليس كما ترى بكبير شيء.
سابعًا: المضي في خبر عنيزة وتمنعها وذكر يوم ظهر الكثيب:
ويومًا على ظهر الكثيب تمنعت ... علي وآلت حلفة لم تحلل
وهذا يجاء به بعد قوله بعد:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ... بنا بطن خبتٍ ذي حقافٍ عقنقل