وينهض كالمغضب ويفترق أهل المجلس وهم ناعمون- فجعل الأصمعي وحده غير ناعم كما ترى.
هذا ولعل ما قدمناه أن يفي ببعض ما نزعمه من تجاوب أصداء الإيقاع وأطياف الصور ومقابلاتها في معلقة امرئ القيس، مع الذي سبق من تناولنا له في باب الخمصانة. على أننا بعد أن عالجنا موضوع تجاوب الأصداء من عند وصف الفرس والبرق والسيل نبهنا إلى ما يعود من ذلك على النعوت وضروب الإيقاع المتقدمة من عند الوقوف والاستيقاف إلى موضع صفة الذئب والقربة، نريد أن نلفت النظر إلى طريقة توارد المعاني في هذه القصيدة من عند أولها، ومع علمنا بأن كثيرًا ذلك هو أدخل في باب الأغراض ونفس الشاعر، وذلك سيلي إن شاء الله، نرى أن هذا الموضع أجدر به لنستكمل بعض ما يحسن التنبيه عليه من تجاوب الرنات والمعاني والصور. أول شيء الوقوف والاستيقاف من أجل الحبيب والمنزل والبكاء، يجاوب هذا وصف السيل وبكاء الغمام وعفاء الديار في آخر القصيدة.
ثانيًّا: ذكرى تحمل الأحباب:
كأني غداة البين يوم تحملوا ... لدى سمرات الحي ناقف حنظل
وقوفًا بها صحبي علي مطيهم ... يقولون لا تهلك أسًى وتجمل
هذا يقابله أمر غداة الصيد ومرح الأصحاب وجمال الفرس كما يقابله غداة غلب السيل على كل شيءٍ وتغنت الطيور. وقد سبق التنبيه على المقابلة بين ناقف الحنظل والمصبوح من السلاف ومداك العروس وصلابة الحنظل.
ثالثًا: عذل الصحاب له ورده عليهم، يقولون له لا تهلك أسى وتجمل ويقول لهم:
وإن شفائي عبرةٌ مهراقةٌ ... فهل عند رسم دارس من معول