وفي هذا البيت نباةٌ من قوله في أول القصيدة:

كدأبة من أم الحويرث قبلها ... وجارتها أم الرياب بمأسل

إذا قامتا دموع العين مني صبابةً ... على النحر حتى بل دمعي محملي

ألا رب يومٍ لك منهن صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل

وذلك بأن أم الحويرث وصويحباتها إلى عذارى دارة جلجل هن من نعاج الشاعر الأنسية هادياتٌ أي متقدمات لمجيء ذكرهن في أول القصيدة، والمرأة مما يقال لها النعجة، قال تعالى في خبر سيدنا داود عليه السلام: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} وفي قول امرئ القيس: «إذا قامتا تصوغ المسك منهما إلخ» أناة وبطء أنوثةٍ، وغزلٌ كما ترى وقوله: «جواحرها في صرة لم تزيل» فيه طيف وصدى من هذا؛ لأن الجواحر هن المتأخرات ولم يزلن في جماعتهن، تنهض النواهض منهن في أناة، وقوله «في صرة» يفيد معنى الجماعة المؤنثة، قال تعالى: {فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} (الذاريات). وقول امرئ القيس: «نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل» فيه عرفٌ زاكٍ من روح «صبحن سلافًا من رحيق مفلفل» وله صدًى أوضح في رواية الدواوين الستة:

إذا التفتت نحوي تضوع ريحها ... نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل

وهذا تكرار وهو من مذاهبهم، وقوله:

فعادى عداءً بين ثورٍ ونعجةٍ ... دراكا ولم ينضح بماءٍ فيغسل

ولا ريب أن القارئ الكريم قد فطن إلى أنا متبعو أصداء هذه القصيدة من عند آخرها (بشيءٍ) من تفصيل وقد كنا أجملنا من ذلك في معرض الحديث عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015