يصف السرب حين التوين مدبراتٍ وفيهن ألوان سوادٍ وبياضٍ فشبههن بقلادةٍ من جزع ظفار وهو خرز كريم صافي البياض والسواد، هذه القلادة على جيد حسناء كريمة من أصولٍ كريمة. معم مخول بفتح العين والواو وكسرهما. وزعم ابن السكيت -في رواية ابن الأنباري- أنه يصف قلادة في جيد غلام معم مخول (راجع شرح السبع طبعة تحقيق عبد السلام محمد هرون ص 94، 51، 52)، والوجه ما ذهب إليه ابن حبيب: «في يجيد كريم الأبوين، أي شخصٍ كريم الأبوين» وهذا الشخص بلا ريب هو الفتاة الموصوفة. وأغرب الزوزني فقال: «وشرط كونه في جيد معم مخول لأن جواهر قلادة مثل هذا الصبي أعظم من جواهر غيره، وشرط كونه مفصلًا لتفرقهن عند رؤيته» أ. هـ. وإنما جاءه الوهم من صفة الوشاح في قوله: «تعرض اثناء الوشاح المفصل» - قال ابن الأنباري: «المفصل الذي فصل بالزبرجد» أ. هـ. ويجوز نحو هذا عند أهل الترف وزمانه، وإنما كانت العرب تفصل بالخرز والودع. والوجه الذي قدمناه أن المراد جيد الفتاة، لا ريب فيه، شاهد ذلك سوى السياق قول جرير:

فما مغزلٌ أدماء تحنو لشادنٍ ... كطوق الفتاة لم تشدد مفاصله

بأحسن منها يوم قالت أناظرٌ ... إلى الليل بعض النيل أم أنت عاجله

تأمل جمال قوله (إلى الليل بعض النيل)، جرير هنا ينظر إلى معاني امرئ القيس وصوره. وامرؤ القيس يقول وهو مما يتجاوب صداه مع بيته المتقدم الذكر:

وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش ... إذا هي نصته ولا بمعطل

فهو جيدٌ حالٍ عليه عقد من جزع ظفار. وفي السيرة إن السيدة خديجة رضي الله عنها زفت السيدة زينب إلى زوجها أبي العاص وأهدت لها عقد ظفار، وأنه لما أسر أبو العاص ببدر (وذلك قبل إسلامه) أرسلت زينب بالعقد في فدائه فرق لها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015