ههنا لا أصل من رواية له، فيما نعلم، ثم مزمل مجرورة لأنها نعت للبجاد المجرورة، أي كبير أناس في بجاد مزمل فيه كبير أناس، فحذف جميع هذا لدلالة ما سبق عليه، وليس بأبعد من قوله الفرزدق:
إليك من نفن الدهنا ومعقلةٍ ... خاضت بنا الليل أمثال القراقير
أي من وسط الدهنا وهي رمال بنجد ومعلقة بضم القاف والقراقير هي السفن شبه الإبل بها.
مستقبلين شمال الشام تضربنا ... بحاصبٍ كنديف القطن منثور
على عمائمنا يلقي وأرحلنا ... على زواحف تزجى مخها ريرم
أي ريرٍ مخها، وهذا محل استشهادنا وقد تعلم خبر الفرزدق أنه لما بلغه طعن ابن أبي إسحق عليه في هذا البيت قال أما أني لو أشاء لقلت «على زواحف نزجيها محاسير» ولكني والله لا أقوله. ورواية الديوان على هذا الذي زعموا أنه أقسم لا يقوله «وتزجي مخها رير» أجود من «نزجيها محاسير» لأن الفعل مبني للمجهول وكون المخ ريرًا أدل على الضعف من المحاسير.
ولا أحسبك تخطئ أن جعلت «مزمل» في بيت أمرئ القيس صفة لأناس من قوله:
«كبير أناس» لأن الأناس بمعنى الناس ويذكر فتقول هذا الناس وعليه قول لبيد: «وسؤال هذا الناس كيف لبيد». والاتباع- أي أن تجعل (مزملي) تابعًا للبجاد في الجر، واضح وهو الوجه. وكبير الأناس المزمل في البجاد فيه طيف من قوله:
كأن دماء الهاديات بنحره ... عصارة حناءٍ بشيبٍ مرجل