هنا القسم الثالث وهو تذكر- كان ذهاب السعادة عنه بفراق من فارقوه هو المستقاة منه هذه الحكم الحزينةٌ- فإن تك الحال الآن قد ساءت فقد يذكر حالًا كانت أرفه وأطيب:

هل انت كاتم ما علمت وما استودعت؟

هل من سبيل إلى اللحاق بهم؟

لا بل لا سبيل وكل حصن وإن طالت سلامته مهدوم؟

لقد كان من العيش الطيب كذا وكذا ... هذا من بعض ما علمت

ثم البكاء ... هذا ما استودعت

صدقت قريش أنها سمط ادهر هذه الميمية. وهي والبائية سمطا الدهر. وعل في بعض هذا الذي كنا فيه ما يوضح مقصدنا من أنه كان للشاعر العربي القديم مذهب من التأليف الموسيقي يساير ويباري تأليفه المبين بعبارات الألفاظ وأوزان العروض. هذا التأليف الذي قوامه على موضوعات ذوات أصداء وعودات تنتظم القصيدة من عند أولها إلى آخرها. وقد نظر ذو الرمة إلى الميمية علقمة هذه نظرا حديدًا كما ذكرنا في ميميته الطويلة التي مطلعها:

أأن توسمت من خرقاء منزلةً ... ماء الصبابة من عينيك مسجوم

وهي من الكلمات الجياد. وكأنه أخذ الشغاميم من علقمة، ثم جعلها إحدى قوافيه حيث قال:

إذ قعقع القرب البصباص ألحيها ... واسترجفت هامها الهيم الشغاميم

ولذي الرمة في الألفاظ صناعة مهد بها لأصحاب البديع كل تمهيد.

وليس وزن الأفاعيل والمفاعيل في أبيات علقمة ومن ذلك أمثلة عددٌ في طويلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015