والعدول عن اعتقاد الأولين من أن "إن" هي الجازمة للثاني بنفسها كما جزمت الأول كونها حرفاً جازماً، والجازم أضعف العوامل عندهم، فلم يكن ليجزم فعلين بغير مقو أو وسيط، كما رأوا في الابتداء أنه عامل معنوي ضعيف، فلم يعملوه في الاسمين.

وعلى كل حال فلم تعر "إن" من أن تكون عاملةً في الفعلين، الأول بنفسها والثاني بمعينٍ ومقوٍ، فقد عملت فيما زاد على الفعل الواحد.

والأصح من الأقوال فيها أنها عاملةٌ الجزم عملاً إعرابياً.

وقول من ذهب إلى أن سكون الفعلين بعدها سكون بناء لا إعراب غير صحيح، وقد عزوا هذا القول إلى أبي عثمان المازني، وهو كما تراه (?).

واعلم أن أصل جوابها أن يكون فعلاً، كما أن الشرط الذي هو علة له فعل، فالأصل إن تقم أقم، فهذا، كما تراه، أحد الفعلين وهو الأول سببٌ للثاني، والثاني مسبب عنه، وما سواه من الأجوبة المذكورة – غير الفعل- محمول على الفعل، ولذلك يُحكم على موضعه بالجزم للفعل. فمن الأجوبة غير الفعل، الفاء في مثل قولك: إن تطع الله فأنت سعيد؛ وقوله تعالى: {إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 25] (?) وقوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 29] (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015