المستقبل أيضاً، والفرق بينهما من طريق المعنى ظاهرٌ، ومن طريق الاستعمال أن (?) "لا"، لا يعرى منهيٌ عنه من دخولها عليه إذا كان فعلاً، ولام الأمر تدخل بعض الأفعال المأمور بها دون بعضٍ، ألا تراها يطرد دخولها في فعل الغائب إذا قلت: ليقم زيدٌ، ويقل استعمالها في فعل المواجه إلا على جهة الندور، فهي عند البصريين (?) مختصة بفعل الغائب، وعند الكوفيين عام دخولها في الجميع، لكن حذف مع الحاضر تخفيفاً واستغناء بالمواجه، ولهذا استعملت مع المواجه في بعض الكلام تنبيهاً على الأصل المطرح، وكلا القولين قوي في القياس، ومنزلة الأمر من النهي منزلة الإيجاب من النفي، لأن الأمر للإيقاع والنهي لترك الإيقاع، وبتركه ينتفي كما بفعله يقع ويجب.
وأما "إن" الشرطية فإنها وإن كانت حرفاً جازماً فإنها مخالفة في الحكم بقية الجوازم، وذلك أنها تعمل في فعلين هما الشرط وجزاؤه في قول كثير (?) من الناس، وذلك إذا كانا مستقبلي اللفظ، فإنه يظهر جزمها لهما، فهي عاملة فيهما عند هؤلاء.
وعند الأكثرين أنها تجزم الأول بنفسها، وترفده أي تقويه، أعني فعل الشرط، فينجزم الثاني وهو الجزاء بها وبه، فمجموعهما العامل في الثاني كما كان مجموع الابتداء المبتدأ هو الرفع للخبر عندهم أيضاً، والذي دعاهم إلى القول بهذا