حيث توجد قرى كبيرة تشبه المدن عندنا. وكل العمارات فيها مبنية بناء متينا بالحجارة وبالكلس، والسطوح مغطاة بالقرميد، وفي المساجد مآذن كمآذن مدينة الجزائر. وفي هذه القرى مصانع للأسلحة النارية تصنع فيها على نحو ما في الجزائر أساتين البنادق المرصعة بالفضة، كما يصنع فيها البلاتين.
ويعرف السكان طريقة استخراج خامات الحديد ومناجم الرصاص وملح البارود موجودة لديهم بكثرة فهم أناس كثيرو الأشغال بالصناعة. وتشمل صناعتهم على الخصوص صنع البرانس والأغطية التي يمكن استعمالها في المدن لأنها من الصوف الجيد , ويوجد في هذه القرى كذلك مشاغل تصنع فيها النقود المزيفة. فالأهالي ذوو مهارة ومقدرة فائقة في نقش المعادن وتقليد جميع أنواع النقود مثل نقود الجزائر (?) وقروش اسبانيا (?) ولو انهم يتصلون بالجيش الفرنسي فإنهم لن يترددوا في تقليد النقود الفرنسية إلى درجة انه يصعب على الصراف التمييز بين النوعين. ففي هذه الجبال قدم لي المسفوف، وفيها مدينة تدعى القلعة (?) لا يتم الوصول إليها إلا بشق الأنفس وبما أنني لم أتمكن من الذهاب إليها راكبا فإنني قطعت الطريق راجلا لأراها وإنه لطريق وعر منحدر جدا إلى درجة أننا عندما يتسلقه ثلاثة أشخاص بالتتالي، نرى رأس الثالث عند قدمي الأول. وفي مثل هذه المدن التي حصنتها الطبيعة يودع سكان السهول لرواتهم وحبوبهم ولا يبقون لديهم الا ما كان ضروريا للحياة اليومية، ولقد أكدوا لي انهم يعرفون طريقة للاحتفاظ بالحبوب مدة تزيد عن العشرين سنة.