المراه (صفحة 31)

أما لغتهم وطبائعهم وطريقة معيشتهم فتكاد تشبه لغة وطبائع وطريقة معاش سكان الأكوار السابقة الذكر. ولو أنني لم أكن في مثل ما كنت فيه من الحيرة والعذاب من جراء ما آل اليه بلدي المسكين، ولو أنني لم أكن في مثل هذه السن المتقدمة، ولولا الاتعاب التي أصابتني لكان باستطاعتي أن أجمع وثائق غاية في العجب حول هذا الجزء من افريقيا، وثائق قد تساعد على كتابة تاريخ هذه المناطق. ومن بعيد كنت أشاهد مدنا تكاد تشبه ضواحي بجاية والمرابطين ابن عيسى وأكرومه.

انني لا أقدم هنا تاريخا مفصلا وانما عرضا ضروريا لتكوين فكرة عن هذه المناطق وعن سكانها، هؤلاء السكان الذين هم على العموم أناس رحل قريبون من التوحش، ولكننا نعتقد ان من الصعب على فرنسا أو على غيرها من الدول أن نخضعهم. وإلى جانب ذلك فإن هذا الاحتلال بالنسبة لفرنسا لن يكون في مستوى عظمتها. انها تملك ثروات متعددة من حيث الرجال والأموال فماذا ستستفيد من محاربة هؤلاء السكان وإنفاق كنوزها واراقة دماء جنودها وتعريضهم للموت الناتج عن المناخ؟ وما هو الهدف من قيامها بمثل هذه الحملة أيكون ذلك لمجرد الرغبة في إبادة الناس أم لأجل نيتها الحمقاء في اكتساب أراض لا تنبت شيئا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015