وبهذا يتلقف الشعراء كل جديد في مجال الثقافة والعلم والفكر والفلسفة والسياسة والاجتماع، والقضايا الإنسانية والعسكرية، والمذاهب الأدبية والنقدية المعاصرة، بل يتسارعون إليه، ويقبلون عليه في نهم وشوق.

وساعدهم على ذلك تيسير اقتناء الكتب والصحف والمجالات والدواوين من لبنان ومصر والعراق وتونس والمغرب وغيرها من شتَّى بقاع العالم.

وكان لأجهزة الإعلام المختلفة عن طريق السماع أو الرؤية تنقل إليهم الندوات والمحاضرات والمقالات والحوار، وغيره مما يدور حول قضايا الفكر والأدب والنقد ومذاهبه.

وأخذ شعراء الجنوب يتجاوبون مع أعمال المازني وشكرى والعقاد، وطه حسين والزيات، وأحمد أمين وزكي مبارك وسيد قطب ومحمود شاكر، وأحمد الشايب وشوقي صيف، وعبد المتعال الصعيدي وسعيد العريان، ومصطفى عبد الرزاق ومحمد عبد المنعم خفاجي وحسن جاد وإبراهيم أبو الخشب، ومحمد سرحان وعبد السلام سرحان وغيرهم.

وتابع الشعراء المعارك الأدبية والنقدية بين المفكرين والنقاد، وخاصة حول شعر شوقي وحافظ، وشعر مدرسة الديوان، ومدرسة أبوللو، ورابطة الأدب الحديث، وشعر المهاجر العربية وغيرها.

وهز مشاعرهم شعر الزهاوي والرصافي في العراق، والبارودي واسماعيل صبري والجارم، وحافظ وشوقي، ومحمود طه وأحمد زكي أبو شادي وناجي ومحمود أبو الوفا وشكري والعقاد وغيرهم في مصر، وإبراهيم اليازجي والأخطل الصغير، وأبو ريشة وبدوي الجبل وفؤاد الخطيب في سوريا ولبنان1.

وكان شعراء هذا المذهب الأدبي ينقسمون على أنفسهم، فيشايعون مذهبًا يفضلونه على آخر، وشاعرا على آخر، وناقدًا على ناقد، فمنهم من هام بشوقي، وآخر من أحب محمود طه أو ناجي، ومنهم من ناصر مدرسة الديوان، وآخر سار على نهج مدرسة أبوللو وهكذا.

لذلك كله ترى روح التجديد للمحافظين من شعراء الجنوب في الشكل والمضمون، فكان شعرهم تجديدًا محافظًا في المعاني والأفكار، وفي الأغراض والأهداف، وفي المنهج والأسلوب، وفي الخيال والصور الأدبية وفي الموسيقى والإيقاع، بما يتلاءم مع ظروف العصر، وحاجات المجتمع الجديد المتطور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015