فنوابغ الشعراء قديمًا وحديثًا يراجعون تجاربهم الشعرية المرة بعد المرة، لكي ينقدوا شعرهم حتى تخف عليهم حدة النقد في إنتاجهم.
وإنني أريد من كل شاعر أن يكون ناقدًا؛ لأن النقد هو الذي يدفع الشعر دائمًا إلى القوة والإبداع والجمال، ولا من الشاعر أن يردد هذا القول مرة ثانية في الطبعة الثانية للديوان الثاني الذي ذكر في مقدمته:
"ولا أخفي على قارئي العزيز بأنني -خصوصًا نتاجي الشعري- لا أعيد النظر ولا أضيف ولا أحذف يقينًا مني بأن للتجربة الشعورية حكمًا لا يجوز تهذيبه في اللحظات العادية، لذا لم أجد بدًّا من الإبقاء على كل ما رصفته في هذه المجموعة، واعتزمت دفعها للطبع"1.
الإيقاع والموسيقي:
الشاعر أحمد بهكلي التزم البحر الواحد في القصيدة على النمط الخليلي في البحور الشعرية العمودية، ولم يتعسف مراكب الشعر الحر، إيمانًا منه بالأصالة المعتدلة المصوغة في قالب تراثي، يقول الشاعر في المقدمة: "وإنني رضيت بكوني راكعًا في سفينة الأصالة المعتدلة، والأصالة الشعرية في نظري الحداثة الفكرية في قالب تراثي.. من هنا انطلق من الجذور.. لا أجتثها.. لا أنفصل عنها.. ولست مكابرًا.. وما أنا بحجر"2.
لكن الشاعر نوع من القافية حيث جاءت قصائد في شعره تعتمد على التعدد في القوافي، في نظام المقطعات، كل مقطع له قافية يختلف عن المقطع الآخر، مثل قصيدة "أحبك"، وسيق ذكرها في موطن آخر، وقصيدة "حديث العياء" يرثي بها عبد العزيز أحمد هيجان في جيزان يقول:
أحدثكم عن أصول الجوى ... وعن لوعة الروح يوم النوى
أحدثكم عن سناء الرؤى ... يغور وكيف يموت الهوى
وعن الدمع ينساب نهرًا على ... مآق تروت به ما ارتوى
وأي رحيل تناءى على ... منانًا؟ وأي كيان هو؟!