أبصرت لمعًا ... قلت ذا مأملي ... واشتدَّ مني المرهق المتعب

ورحت أعنو مسرعًا ... فانطفا ... ذاك السنا واحتضر المطنب

وعاد سلطان الدجى يعتلي ... عرشًا بناه برقها الخلب

يرجوك يا ناري ويا جنتي ... ترنيمي الفاضل والمذنب1

ويبحث بهكلي عن بريده فيجده في السحر، ليس المجرد، بل المجسم في أبها، عروس الجنوب، يقول في قصيدته: "السحر يلد أبها":

صبوت وأضحى هائمًا مغرمًا قلبي ... وتهت ولي عذر فإدلالها يصبي

أسير هواها ما أحيلاه أسرها ... وحسبي أنني صرت مأسورها حسبي

ويا لجمال قد حويت استمالتي ... فصرت أسير الفكر والشعر واللب

حببتك حبًّا فوق جهدي وطاقتي ... وحبك يا أبها تغلغل في القلب

أيا ذوب احساس رقيق ويا مدى ... خيال وسيع الأفق في عالم رحب

إذا كان في مغنى "اليمانية" انتمى ... هواي فقد ذقت الصبابة "في "النصب"

وتحت ظلال الأيك في "السودة" انجلى ... لي الحسن ممدودًا على ربعها الخصب

وأيدي النسيم الغض تهصر غادة ... من العرعر المزدان ذي الفتن الرطب

وكم في شفاء "القرعاء" سحرت ناظري ... ليرجع مبهورًا من المنظر العذب

كأن لكف السحر تمريرة على ... عيون المياه الجاريات على الترب

تلمست أبغى دارة الحسن في الدنا ... وساءلت عن مغنى العنادل في دربي

وطفت أرود المرتع الخصب للهوى ... لألقاه في "أبها" عن المبتغي يبني

طرقت على باب الجمال بفكرتي ... لتفتح لي أبها ابنة السحر والحب2

فاليمانية والنصب، وظلال الأيك في السودة، والعرعر المزدان والقرعاء، والعيون الجاريات، كلها مواطن في أبها الساحرة تمكنت من سويداء قلبه، وأصبحت لا تفارقه أينما سار وحيثما حل.

ولا يظن القارئ أنَّ الشاعر حقق أمله حينما وجده في أبها الساحرة الجميلة، لكنه خاب أمله، ومن العجب أنه تاه عن أمله وضل الطريق في "القيود الجميلة":

أنا فيك يا أبها عليل شاكي ... هل ترحمين متيما يهواك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015