والأسير يتلظى ويترجى أَن يعْتق إِذا جَاءَ اللَّيْل تغالب النّوم والسهر وَالْخَوْف والشوق فِي مقدم عَسْكَر الْيَقَظَة والكسل والتواني فِي كَتِيبَة الْغَفْلَة فَإِذا حمل الصَّبْر حمل على الْقيام فانهزمت جنود الفتور فَمَا يطلع الْفجْر إِلَّا وَقد قسمت السهْمَان سفر اللَّيْل لَا يطيقه إِلَّا مُضْمر المجاعة النجائب فِي الأول وحاملات الزَّاد فِي الْأَخير قَامَ المتهجدون على أَقْدَام الْجد تَحت ستر الدجى يَبْكُونَ على زمَان ضَاعَ فِي غير الْوِصَال
(سقوا بمياه أَعينهم ... هُنَاكَ الضال والرندا)
(يَا نِفَاس كبرق فِي ... أَنِين يشبه الرعدا)
إِن نَامُوا توسدوا أَذْرع الهمم وَإِن قَامُوا فعلى أَقْدَام القلق لما امْتَلَأت أسماعهم بمعاتبة كذب من ادّعى محبتي فَإِذا جنه اللَّيْل نَام عني حَلَفت أجفانهم على جفَاء النّوم
(إِن كَانَ رضاكم فِي سهري ... فسلام الله على وسني)
مَا زَالَت مطايا السهر تذرع بيد الدجى وعيون آمالها لَا ترى إِلَّا الْمنزل وحادي الْعَزْم يَقُول فِي إنشاده يَا رجال اللَّيْل جدوا إِلَى أَن نم النسيم بِالْفَجْرِ فَقَامَ الصَّارِخ ينعي الظلام فَلَمَّا هم اللَّيْل بالرحيل تشبثوا بذيل السحر
(فاستوقف العيس لي فَإِن عَليّ ... خلب فُؤَادِي تشد أرحلها)
(إِن دثرت دارها فَمَا دثرت ... منَازِل فِي الْقُلُوب تنزلها)
قَالَ عَليّ بن بكار مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة مَا أحزنني إِلَّا طُلُوع الْفجْر لَو قُمْت فِي السحر لرأيت طَرِيق الْعباد قد غص بالزحام لَو وَردت مَاء مَدين وجدت عَلَيْهِ أمة من النَّاس يسقون
(بانوا وخلفت أبْكِي فِي دِيَارهمْ ... قل للديار سقاك الرَّائِح الغادي)
(وَقل لأظعانهم حييت من ظعن ... وَقل لواديهم حييت من وَاد)
يَا بَعيدا عَنْهُم يَا من لَيْسَ مِنْهُم أَلَك نِيَّة فِي لحاقهم أَسْرج كميتك